أخبار الأدب والثقاقة
""..... لا زالت الصفحات بيضاء، والمسافة بين الخطوة والطريق طويلة كمسافات الليل المتناهية. لم تأتي الكلمات . . . لم تنبعث الحروف، يبقى القلم صامتا، يمتص الجفاف أنينه فلا ينطق ولا يخترق المدى. الليل غارق بصمته وعيناي شاخصتان تحدقان بالأوراق في فراغ المسافة ، كم مضى من العمر؟ ليس مهما أن نعرف ، تعالوا معي لنضيء المصباح ونقلب صفحات أوراق العمر قبل أن تسحقنا برحيلها، حينئذ نكون أغبياء لأننا بأيدينا نغتال الحب والفرح من حياتنا فنبكي على كل لحظة ضاعت من عمرنا. "
*حسين

تلك الايام 1

1
 بالأمس كان لي دار وأب وأم وأخوة صغار وكان لنا بيت مرفوعا فوق الجبل تتراقص الشمس على سطحه القرميدي وتلاعب نسمات الصيف وريقات التوت، وتتسلل الى الياسمينة البيضاء فتداعب اطرافها وتدغدغ ازهارها فتنبعث موسيقى هادئة، تتلوى زهيرات الحديقة كلها . أما اليوم لم يبق سوى بكاء شاحب ودموع تض
رب على الزجاج المكسور بردانة، ونعيق بوم تطمر رأسها في عرزال جدي المهجور تنادي حبيبها المهاجر، لم يبق سوى عويل ريح فوق القرميد مشلوح يروح ويجيء، لم يبق الا مغزل عتيق اغزل فيه ايامي السوداء الباقية، لم يبق
الا موقد نار فاغر فاه بتكاسل يتثاءب بارد .. بارد نعسان تكسوه سترة رمادية عشعش العنكبوت في ثقوبها الجوفاء، ودالية صفراء تضرب على الباب بردانة تود الاختباء لقد اسودت عناقيدها والوت عنقها العاصفة المتوحشة ولا احد يعنى بها، اما شقائق العمان فلم تعد تغنج بغوى على خصر الساقية. مر عامان وانا ما زلت غريبة في بيتي غارقة في الظلمة فجري عليل يجيء بلا ومضة وليلي المتعب يمر ببطيء ولا يغيب، كما الذي قال لنا بالأمس شيئا، وكان في قوله صدق، فلا تسألني عما قال، ان سألت فسوف أبكي .. وأبكي أطفئ بقايا الضوء وبقايا الآمل، دعني أغرق لجج الذكريات، أصبحت أعشق الصمت وأطلق الضوء وأغفو فوق ضلي آه كم حملتني السنون ، تعبت هنا بجانب المدفأ المحملة بحكايات من الرماد، تعبت من المدفأ التي أطعمتها وقود ذاتي ولم ترتو ، تعبت وانا انسج من العنكبوت خيوطا، أنسج سخريات ومهازل والاعيب تلهو بها امرأة مجرحة باكية، ما أروع ان اموت من بردي كما تموت في الخريف عناقيد الدالية، ليتني اتمزق كما تمزق الرياح التشرينية أورق الشجر، اني احس ببرد قارص يندس في صدري، أحس الرياح الملعونة تصرخ في أذني .. تتداخل الأصوات .. تمحى من عيني الألوان والظلال من دربي، اني ارى غرابا اسود يحوم فوق رأسي وفي عينيه حكاية الرماد المخيفة، ينشب أظافره السامة في وجهي يود تمزيقي، أه كم أود أن تنتهي الحكاية ، لو تصبح رمادا تبعثرها كف الريح الغاضبة. ...
 يتبع
حسين خلف موسى‏
وللحكاية بقية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق